في تطور مهم لصناعة السيارات الكهربائية، أظهرت الاختبارات المستقلة أن العديد من السيارات الكهربائية الشهيرة، بما في ذلك تسلا موديل Y وتسلا موديل 3 بالإضافة إلى كيا EV6، لم تتمكن من تحقيق مدى القيادة المعلن عنها في ظروف العالم الحقيقي. هذه النتائج، التي نشرها برنامج الاختبارات في العالم الحقيقي للجمعية الأسترالية للسيارات (AAA)، يمكن أن يكون لها تأثير كبير على ثقة المستهلكين في معلومات المدى التي يقدمها مصنعو السيارات الكهربائية.
قام برنامج الاختبارات في العالم الحقيقي التابع لـ AAA، والذي ركز بالكامل على السيارات الكهربائية لأول مرة، بتقييم خمسة نماذج مختلفة من السيارات الكهربائية. لسوء الحظ، جميع هذه السيارات، بما في ذلك ثلاثة نماذج شائعة متوفرة في الولايات المتحدة (تسلا موديل 3 2024، تسلا موديل Y 2024، وكيا EV6 2022)، قدمت أداءً أقل من نتائج اختباراتها المعملية الإلزامية في ظروف القيادة الحقيقية. يثير هذا تساؤلات مهمة حول دقة معايير الاختبار الحالية والتوقعات التي يجب أن يحصل عليها المستهلكون من سياراتهم الكهربائية.
تفاوتت الفروقات الملحوظة في هذه الاختبارات بشكل كبير، ولكن حتى أصغر انخفاض في المدى يمكن أن يكون مقلقًا لسائقي السيارات الكهربائية الذين يحتاجون إلى مدى دقيق لتخطيط رحلاتهم وتقليل قلق المدى. تؤكد هذه النتائج على الحاجة إلى مزيد من الشفافية من جانب المصنعين، وكذلك أهمية الاختبارات المستقلة والواقعية لتقديم صورة أكثر دقة عن أداء السيارات الكهربائية في العالم الحقيقي. لن تؤثر هذه النتائج على سوق السيارات الكهربائية في أستراليا فحسب، بل على الأسواق العالمية أيضًا.
نتائج الاختبارات الواقعية: أداء النماذج
كشفت نتائج اختبارات مدى السيارات الكهربائية التي أجرتها الجمعية الأسترالية للسيارات (AAA) عن تفاصيل مقلقة بشأن الأداء الفعلي لبعض النماذج الأكثر شعبية. سجلت تسلا موديل 3 إحدى أسوأ النتائج من حيث المدى؛ حيث قطعت هذه السيارة 441 كيلومترًا فقط (274 ميلًا) في اختبارات AAA، بينما كانت نتيجتها المعملية 513 كيلومترًا (318.8 ميلًا). هذا الانخفاض بنسبة 14% كان أحد أكبر الانخفاضات بين السيارات التي تم اختبارها ويمكن أن يكون مقلقًا للمشترين المحتملين لهذا النموذج.
كما لم تتمكن تسلا موديل Y من تحقيق مدى اختبارها المعملي البالغ 533 كيلومترًا (331.2 ميلًا)، وأظهرت انخفاضًا بنسبة ثمانية في المئة، حيث بلغ أقصى مدى لها 490 كيلومترًا (304.5 ميلًا). كيا EV6 أيضًا سجلت انخفاضًا بنسبة ثمانية في المئة في الأداء، حيث قطعت 484 كيلومترًا (300.7 ميلًا) في اختبارات AAA، بينما كان المتوقع منها 528 كيلومترًا (328.1 ميلًا). تشير هذه النتائج إلى أن حتى السيارات ذات السمعة الجيدة في المدى قد لا تلبي التوقعات في ظروف القيادة الواقعية.
بالإضافة إلى ذلك، اختبرت AAA أيضًا سيارتي BYD Atto 3 2023 و Smart #3 2024. كانت Smart #3 الأقرب في الأداء إلى مداها المعلن بين جميع السيارات الكهربائية التي تم اختبارها، حيث بلغ مداها الفعلي 432 كيلومترًا (268.4 ميلًا)، وهو أقل بخمسة في المئة فقط من نتيجتها المعملية البالغة 455 كيلومترًا (282.7 ميلًا). في المقابل، أظهرت Atto 3 أكبر اختلاف بين السيارات الخمس التي تم اختبارها، حيث بلغ مداها الفعلي 369 كيلومترًا (229.3 ميلًا)، وهو أقل بنسبة 23% من مداها المعملي البالغ 480 كيلومترًا (298.3 ميلًا). على الرغم من أن هاتين السيارتين غير متوفرتين حاليًا في الولايات المتحدة، إلا أن Atto 3 هي خامس أفضل سيارة كهربائية مبيعًا في أستراليا، مما يجعل هذا الاختلاف ذا أهمية كبيرة.
استهلاك الطاقة: نظرة فاحصة
على الرغم من النتائج المخيبة للآمال فيما يتعلق بالمدى، كانت هناك أخبار جيدة حول استهلاك الطاقة لبعض هذه السيارات الكهربائية. في الواقع، أدت تسلا موديل Y أداءً أفضل قليلاً من نتائجها المعملية واستهلكت طاقة أقل بنسبة واحد في المئة؛ حيث استهلكت 167 واط ساعة لكل كيلومتر بدلاً من 169 واط ساعة لكل كيلومتر. يشير هذا إلى أنه في بعض الجوانب، يمكن للسيارات الكهربائية أن تتجاوز توقعاتها المعملية، وهو خبر جيد للمالكين الحاليين والمستقبليين لهذا النموذج.
لكن للأسف، لم تتمكن السيارات الأربع الأخرى من إظهار أداء ملحوظ في استهلاك الطاقة. استهلكت كل من هذه السيارات طاقة أكبر مما تم استهلاكه في المختبر. استهلكت كيا EV6 طاقة أكثر بنسبة واحد في المئة من نتائجها المعملية، وتسلا موديل 3 أكثر بستة في المئة، و Smart #3 أكثر بأربعة في المئة. هذه الزيادات، على الرغم من أنها ليست كبيرة مقارنة بانخفاض المدى، إلا أنها لا تزال تؤثر على تكاليف التشغيل طويلة الأجل للمستهلكين.
ومع ذلك، كانت النتائج المتعلقة بـ BYD Atto 3 فيما يتعلق باستهلاك الطاقة مقلقة للغاية. كان استهلاك الطاقة لهذه السيارة أعلى بنسبة 21% من المتوقع، وهو ما يعتبر نتيجة ضعيفة جدًا، خاصة عندما يقترن ذلك بانخفاض مداها بنسبة 23%. يمكن لهذين العاملين معًا أن يؤثرا بشكل كبير على تجربة ملكية هذه السيارة للمستهلكين ويزيدا من تكاليف الشحن وتكرار الشحن.
تشير هذه التقلبات في نتائج استهلاك الطاقة إلى أن عوامل مختلفة تلعب دورًا في الأداء الفعلي للسيارات الكهربائية، وأن الاعتماد على البيانات المعملية وحدها قد لا يقدم صورة كاملة. من المهم جدًا للمستهلكين أن يأخذوا هذه الاختلافات في الاعتبار وأن يبحثوا عن معلومات من الاختبارات الواقعية.
منهجية الاختبار وأهداف البرنامج
صُمم برنامج الاختبارات في العالم الحقيقي للجمعية الأسترالية للسيارات (AAA) لتقديم بيانات دقيقة وموثوقة للمستهلكين حول الأداء الفعلي للمركبات. اختبر هذا البرنامج السيارات في مسار يبلغ طوله 93 كيلومترًا (57.8 ميلًا) في جيلونج، فيكتوريا، بين شهري مارس ومايو. أجريت الاختبارات في ظروف جوية مختلفة، بما في ذلك الطقس الرطب والجاف، وفي درجات حرارة تتراوح بين 17 و 25 درجة مئوية (62 و 77 درجة فهرنهايت) لجعل النتائج أقرب ما يمكن إلى ظروف القيادة الواقعية.
تؤكد AAA أن هذا البرنامج يستخدم بروتوكولات اختبار صارمة تستند إلى اللوائح الأوروبية. تضمن هذه البروتوكولات أن النتائج قابلة للتكرار وأن تأثير العوامل البشرية مثل أسلوب القيادة وتغيرات تدفق حركة المرور يتم تقليله إلى الحد الأدنى. يعزز هذا النهج العلمي للاختبار مصداقية نتائج AAA ويجعلها مصدرًا موثوقًا للمستهلكين.
تم اقتراح برنامج الاختبارات في العالم الحقيقي لـ AAA في أعقاب فضيحة الغش في انبعاثات الديزل (ديزل جيت) في عام 2015 ثم تم إطلاقه في عام 2023. يهدف هذا البرنامج إلى اختبار 200 مركبة على مدار أربع سنوات وتقييمها مقابل ادعاءات الشركات المصنعة. توضح هذه المبادرة التزام AAA بزيادة الشفافية في صناعة السيارات وتمكين المستهلكين بالمعلومات التي يحتاجونها لاتخاذ قرارات مستنيرة.
حتى الآن، من بين 114 مركبة تعمل بمحرك الاحتراق الداخلي والسيارات الهجينة التي تم اختبارها، تجاوزت خمسها الحد الأقصى للانبعاثات السامة، واستهلك 75% منها وقودًا أكثر من المتوقع. يشير هذا السجل إلى أن السيارات الكهربائية ليست وحدها التي تواجه تحديات في تحقيق ادعاءاتها المعملية؛ إنها مشكلة أوسع نطاقًا في صناعة السيارات وتؤكد على أهمية برامج الاختبار هذه.
تداعيات النتائج على المستهلكين
تحمل النتائج الأخيرة المتعلقة بأداء السيارات الكهربائية الأقل من المتوقع في العالم الحقيقي تداعيات مهمة على المستهلكين. بالنسبة للكثيرين، يعد مدى القيادة أحد أهم العوامل عند اتخاذ قرار شراء سيارة كهربائية. إذا لم تتحقق الأرقام المعلنة من قبل الشركات المصنعة باستمرار في الظروف الواقعية، فقد يؤدي ذلك إلى خيبة أمل وعدم ثقة بين المشترين، مما يعيق بدوره اعتماد السيارات الكهربائية.
أحد أكبر المخاوف لسائقي السيارات الكهربائية هو “قلق المدى” (range anxiety)؛ الخوف من نفاد شحن البطارية قبل الوصول إلى الوجهة أو العثور على محطة شحن. إذا كان المدى الفعلي أقل من المتوقع، يمكن أن يتفاقم هذا القلق ويجعل السفر بالسيارات الكهربائية أقل جاذبية لبعض الأفراد. يؤثر هذا أيضًا على تخطيط الرحلات، حيث يجب على السائقين توخي المزيد من الحذر وأخذ توقفات شحن إضافية في الاعتبار.
بالإضافة إلى المدى، يؤثر استهلاك الطاقة بشكل مباشر على تكاليف تشغيل السيارات الكهربائية. إذا استهلكت سيارة كهربائية طاقة أكثر من المتوقع، فستكون تكاليف شحنها أعلى. يمكن أن يقلل هذا من المزايا الاقتصادية طويلة الأجل لامتلاك سيارة كهربائية، وهو مصدر قلق للمستهلكين، خاصة في الظروف التي تتقلب فيها أسعار الكهرباء.
تؤكد هذه النتائج على أهمية البحث المستقل ووعي المستهلك. يجب على مشتري السيارات الكهربائية، بالإضافة إلى الأرقام المعملية، البحث عن تقارير الاختبارات الواقعية ومراجعات المستخدمين للحصول على صورة أكثر شمولاً لما يمكن أن يتوقعوه. يمكن أن تساعدهم هذه المعرفة في اتخاذ خيار أكثر استنارة يتوافق مع احتياجاتهم وتوقعاتهم في العالم الحقيقي.
نظرة على مستقبل اختبار السيارات الكهربائية
تبرز النتائج التي نشرتها AAA الأهمية الحيوية للاختبارات المستقلة والواقعية لصناعة السيارات الكهربائية. في حين أن الاختبارات المعملية تضمن معايير معينة، إلا أنها لا تستطيع دائمًا عكس تعقيدات ومتغيرات العالم الحقيقي بشكل كامل. يمكن لعوامل مثل درجة الحرارة، وحركة المرور، وأسلوب القيادة، وظروف الطريق أن تؤثر جميعها على مدى واستهلاك الطاقة للسيارة الكهربائية.
بالنسبة للمستقبل، هناك حاجة إلى مزيد من التعاون بين الشركات المصنعة، والهيئات التنظيمية، ومنظمات الاختبار المستقلة. يمكن للمصنعين زيادة ثقة المستهلكين من خلال تقديم بيانات أكثر شفافية وواقعية حول المدى واستهلاك الطاقة. يمكن للهيئات التنظيمية أيضًا تحديث معايير الاختبار لتتوافق بشكل أكبر مع ظروف القيادة الواقعية وضمان أن إعلانات مدى السيارات الكهربائية تعكس الأداء الذي سيختبره المستهلكون على الطرق.
البرامج مثل برنامج الاختبار في العالم الحقيقي لـ AAA لا تساعد المستهلكين فحسب، بل توفر أيضًا ملاحظات قيمة لمصنعي السيارات لتحسين منتجاتهم. من خلال تحديد نقاط الضعف في الأداء الفعلي، يمكن للمصنعين تحسين هندسة وتصميم سياراتهم لتلبية توقعات المستهلكين بشكل أفضل والمساهمة في التنمية المستدامة لصناعة السيارات الكهربائية.
في النهاية، يعد زيادة الشفافية والدقة في تقارير مدى واستهلاك الطاقة للسيارات الكهربائية أمرًا ضروريًا للنمو طويل الأجل لسوق السيارات الكهربائية. كلما زادت دقة وموثوقية المعلومات المتاحة للمستهلكين، زاد ثقتهم في التحول نحو السيارات الكهربائية، مما يساهم بدوره في الأهداف العالمية لخفض انبعاثات الكربون وإنشاء وسائل نقل أكثر استدامة.
المصدر: Mashable
