مشكلات يونايتد إيرلاينز الأخيرة: ارتباك المسافرين واضطراب الرحلات
صناعة الطيران الحديثة، باعتمادها غير المسبوق على التقنيات المعقدة، معرّضة دائمًا لتحديات غير متوقعة. أحد أبرز الأمثلة على هذا الضعف كان الاضطراب الواسع النطاق الذي عطّل عمليات رحلات يونايتد إيرلاينز في جميع أنحاء الولايات المتحدة مساء الأربعاء. لم يؤدِّ “مشكلة التكنولوجيا” هذه، التي تحولت بسرعة إلى أزمة، إلى إيقاف مئات الرحلات فحسب، بل أغرقت آلاف المسافرين في حالة من الارتباك وعدم اليقين. هذا الحدث هو تذكير بأن التكنولوجيا، على الرغم من كونها المحرك الرئيسي للتقدم في هذه الصناعة، يمكن أن تكون في الوقت نفسه مصدر أكبر نقاط ضعفها.
بدأ هذا الاضطراب في الساعة 5:12 مساءً بتوقيت الوسط (CT)، و6:12 مساءً بتوقيت الشرق (ET)، و3:12 مساءً بتوقيت المحيط الهادئ (PT)، وسرعان ما أثر على المطارات الرئيسية مثل سان فرانسيسكو، شيكاغو، دنفر، نيوارك، وهيوستن. أدى التوقف المفاجئ للرحلات في هذه المراكز الحيوية إلى تأثيرات متتالية عبر شبكة رحلات يونايتد وحتى أبعد من ذلك. وجد المسافرون التجاريون والعائلات في إجازة وحتى أولئك الذين يسافرون لأغراض ضرورية أنفسهم فجأة وسط فوضى المعلومات وخطط السفر المعطلة. يكشف هذا الوضع عن ضرورة وجود أنظمة دعم قوية وبروتوكولات طوارئ فعالة أكثر من أي وقت مضى.
تزايد حجم هذا الاضطراب بسرعة. وفقًا لتقرير رويترز الذي استشهد بمعلومات من إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية (FAA) بالإضافة إلى تأكيد من متتبع الرحلات FlightAware، تأخر ما مجموعه أكثر من 1000 رحلة ليونايتد إيرلاينز خلال يوم الأربعاء. يشير هذا العدد الصادم إلى عمق الأزمة وتأثيرها على جزء كبير من العمليات اليومية لواحدة من أكبر شركات الطيران في العالم. كانت التأخيرات في تسليم الأمتعة، والانتظار الطويل داخل الطائرات المتوقفة، وعدم توفر رحلات بديلة لأيام بعد ذلك، مجرد جزء من المشاكل التي واجهها المسافرون. يشير هذا الوضع إلى ضرورة الإبلاغ الشفاف والسريع من قبل شركات الطيران في أوقات الأزمات.
يمكن أن تكون لمثل هذه الأحداث تداعيات اقتصادية كبيرة؛ ليس فقط لشركة الطيران من حيث التكاليف التشغيلية والإضرار بالسمعة، بل للمسافرين أيضًا من حيث تكاليف الإقامة والنقل البديل والخسائر الناجمة عن تفويت اجتماعات عمل أو أحداث مهمة. يمكن أن تؤثر هذه التأخيرات، بالإضافة إلى الإجهاد والتعب، على الخطط المالية للأفراد، وتذكر بضرورة وجود تأمين سفر والاستعداد لظروف الطوارئ.
صورة: طائرات يونايتد إيرلاينز في مطار سان فرانسيسكو الدولي بتاريخ 6 أغسطس. المصدر: Tayfun Coskun / Anadolu عبر Getty Images
تفاصيل الخلل التقني وتداعياته الواسعة
تجاوزت تداعيات هذا الاضطراب مجرد تأخير الرحلات. أفاد المسافرون أنهم قضوا ساعات طويلة في الطائرات المتوقفة على مدرج المطار، دون وصول كافٍ إلى المرافق الأساسية أو معلومات شفافة. هذه التجربة غير السارة، زادت من شعور الإحباط والغضب بين المسافرين. كما واجه آخرون، بعد وصولهم إلى وجهتهم، تأخيرات طويلة وأحيانًا غير محددة في استلام أمتعتهم، مما أضاف طبقة أخرى من المشاكل إلى رحلتهم.
علاوة على ذلك، كان عدم توفر رحلات بديلة لعدة أيام قادمة هو التحدي الأكبر للمسافرين. وهذا يعني تعطيلًا كاملًا للخطط، وفقدان أحداث مهمة، وتكبد تكاليف غير متوقعة للإقامة والطعام. يبرز هذا الوضع أهمية التواصل النشط وتقديم الحلول السريعة من قبل شركات الطيران في مثل هذه الظروف. بينما كان فريق يونايتد يرد على الرسائل المباشرة للمسافرين على منصة إكس، إلا أن النطاق الواسع للمشكلة كان يعني أن كل استجابة شخصية تستغرق وقتًا طويلًا.
يمكن أن يكون لتجربة المسافرين في هذا النوع من الأزمات تأثير دائم على تصورهم لشركة الطيران وحتى صناعة الطيران بشكل عام. يضيف الافتقار إلى الشفافية، والانتظار الطويل، والشعور بعدم التحكم، جميعها إلى عدم رضا العملاء. لذلك، فإن طريقة إدارة الأزمات من قبل شركات الطيران لا تؤثر فقط على حل المشكلة الحالية، بل تؤثر أيضًا على الحفاظ على ثقة العملاء على المدى الطويل. في المستقبل، يجب على الشركات تطوير أنظمة يمكنها، عند مواجهة مثل هذه الاضطرابات، أن تقوم تلقائيًا وبسرعة بتنسيق المسافرين مع خيارات بديلة مناسبة.
تلعب التكنولوجيا في الطيران دورًا مزدوجًا؛ فمن ناحية، تتيح رحلات أكثر أمانًا وكفاءة، ومن ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي أي خلل فيها إلى شل العمليات. يُعد حادث يونايتد إيرلاينز هذا تذكيرًا بضرورة الاستثمار المستمر في البنى التحتية التكنولوجية، وكذلك تصميم أنظمة ذات مرونة عالية ضد الأخطاء. قد تتمكن التطورات المستقبلية في الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة من المساعدة في التنبؤ بمثل هذه الاضطرابات ومنعها، ولكن حتى ذلك الحين، ستظل الجاهزية والاستجابة السريعة هي مفتاح الإدارة الناجحة للأزمات.
رد يونايتد إيرلاينز وإدارة الطيران الفيدرالية (FAA)
بعد بدء الاضطراب، تحركت يونايتد إيرلاينز بسرعة لاحتواء الوضع وإبلاغ المسافرين. أعلنت الشركة في بيان صحفي لوسائل الإعلام: “نحن نعمل عن كثب مع عملائنا لإيصالهم إلى وجهاتهم بعد خلل تقني مساء الأربعاء.” أشارت هذه الرسالة الأولية إلى التزام الشركة بحل المشكلة وتقليل إزعاج المسافرين، على الرغم من أن النطاق الحقيقي للمشكلة لم يكن قد اتضح بالكامل في البداية.
في وقت لاحق، أكدت يونايتد إيرلاينز رسميًا “خطأ في النظام” بنشر تحديثات مهمة على منصة إكس حوالي الساعة 8 مساءً بتوقيت الشرق (ET). شجعت هذه الإعلانات المسافرين على إرسال رقم تأكيد رحلتهم وعنوان بريدهم الإلكتروني عبر الرسائل المباشرة (DM) إلى فريق الدعم للحصول على المساعدة. هذه الطريقة التواصلية، على الرغم من أنها واجهت تحديات على نطاق واسع، إلا أنها سمحت للشركة بمعالجة مشاكل المسافرين بشكل فردي أكثر.
كما تدخلت إدارة الطيران الفيدرالية (FAA)، بصفتها الهيئة التنظيمية الرئيسية في الطيران الأمريكي، بسرعة. نشرت إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) منشورًا على منصة إكس حوالي الساعة 10 مساءً بتوقيت الشرق (ET)، معلنة أنها “مدركة للمشكلة التقنية في يونايتد التي تعطل عملياتها” وأنها تعمل مع الشركة لحلها. أشار هذا التدخل إلى جدية الوضع والتزام إدارة الطيران الفيدرالية بالحفاظ على سلامة وكفاءة النظام الجوي للبلاد.
وأضافت إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) في بيانها: “قد تستمر بعض التأخيرات خلال عملية الاستعادة. لقد قدمنا دعمنا الكامل للمساعدة في حل تراكم رحلاتهم ونظل على اتصال وثيق مع يونايتد.” كان هذا الجزء من البيان مهمًا، لأنه قدم للمسافرين توقعات واقعية بشأن وقت الاستعادة. لعب دعم إدارة الطيران الفيدرالية (FAA)، الذي يمكن أن يشمل المساعدة الفنية وتنسيق الحركة الجوية، دورًا حيويًا في تسريع عملية تطبيع عمليات رحلات يونايتد. هذا التعاون الثنائي ضمن أن جميع الجهود للعودة إلى الوضع الطبيعي تتم بطريقة منسقة وفعالة.
نظام يونيماتيك: قلب المشكلة التقنية
كان أحد الجوانب المهمة لفهم هذا الاضطراب هو معرفة سببه الجذري. وفقًا لتقرير صحيفة نيويورك تايمز، أعلنت يونايتد إيرلاينز بوضوح أن المشكلة التي حدثت لم تكن ناجمة عن هجوم سيبراني. هذا التمييز حيوي، لأن مخاوف الأمن السيبراني مرتفعة للغاية في عالم اليوم، ويمكن لمثل هذا التأكيد أن يمنع الذعر العام. بدلاً من ذلك، ارتبطت المشكلة بخلل داخلي في نظام رئيسي يسمى “يونيماتيك” (Unimatic).
يونيماتيك هو نظام مركزي يتولى مهمة صيانة وإدارة كمية كبيرة من معلومات الرحلات الحيوية. يعمل هذا النظام كعمود فقري لعمليات رحلات يونايتد إيرلاينز، حيث يقوم بمعالجة وتنسيق البيانات مثل جداول الرحلات، المسارات الجوية، معلومات الطاقم، حالة الطائرات، وحتى تفاصيل تتعلق بالمسافرين والأمتعة. أهميته كبيرة لدرجة أن أي خلل فيه يمكن أن ينتشر بسرعة إلى الأنظمة الأخرى المتكاملة معه.
على سبيل المثال، يرتبط نظام يونيماتيك ارتباطًا وثيقًا بأنظمة حساب وقت الرحلات، وتخصيص البوابات، وحتى أنظمة إدارة طاقم الرحلات. عندما يتعطل يونيماتيك، لا تتمكن الرحلات من تلقي المعلومات اللازمة للإقلاع فحسب، بل يصبح إعادة جدولة الطاقم، وتخصيص طائرات بديلة، وحتى تتبع الأمتعة بدقة أمرًا صعبًا أيضًا. يوضح هذا الترابط لماذا يمكن أن يكون لمشكلة في نقطة واحدة تأثير متتالي على العملية بأكملها، مما يؤدي إلى تأخيرات واسعة النطاق في عدة مطارات.
يؤكد هذا الحادث مرة أخرى على الأهمية الحيوية للاستثمار في مرونة واستدامة الأنظمة التقنية في صناعة الطيران. على الرغم من التعقيدات المتزايدة، يجب على شركات الطيران تخطيط حلول التعافي من الكوارث بعناية واختبارها بانتظام. يشمل ذلك وجود أنظمة احتياطية قوية، وبروتوكولات واضحة للتحول إلى الأنظمة اليدوية في حالات الطوارئ، وتدريب الموظفين على التعامل مع الاضطرابات غير المتوقعة لتقليل التأثير على تجربة المسافر والكفاءة التشغيلية.
إرشادات رئيسية للمسافرين المتأثرين بالتأخيرات
إذا كنت من بين المسافرين المتأثرين بهذه الاضطرابات أو أي تأخيرات مماثلة في المستقبل، فهناك إجراءات محددة يمكنك اتخاذها لإدارة الوضع والحصول على المساعدة. الخطوة الأولى والحيوية هي الحفاظ على الهدوء وجمع المعلومات اللازمة. احتفظ برقم تأكيد رحلتك، وتفاصيل خطة سفرك، وأي مستندات تتعلق بتذكرتك أو حجزك في متناول اليد.
أفضل وأسرع حل للتواصل مع يونايتد إيرلاينز في هذه الظروف هو استخدام منصة إكس (تويتر سابقًا) عبر الرسائل المباشرة (DM). يستجيب فريق خدمة العملاء في يونايتد على إكس بشكل فعال للرسائل. تأكد من تضمين رقم تأكيد رحلتك وعنوان بريدك الإلكتروني في رسالتك حتى يتمكنوا من العثور على معلوماتك بسرعة ومساعدتك. غالبًا ما تكون هذه الطريقة أكثر فعالية من الانتظار الطويل على خطوط الهاتف المزدحمة.
بالإضافة إلى ذلك، يعد الموقع الرسمي ليونايتد إيرلاينز (united.com) مصدرًا قيمًا للمعلومات والمساعدة. يمكنك استخدام أداة الدردشة الآلية (chatbot) المتوفرة على الموقع للحصول على إجابات للأسئلة المتداولة أو توجيهك إلى الأقسام ذات الصلة. إذا كانت مشكلتك تتطلب التواصل البشري، فإن أرقام هواتف ممثلي خدمة العملاء متوفرة أيضًا في قسم “المساعدة والاتصال” على الموقع. بالنسبة لأولئك الذين يفضلون التواصل عبر الرسائل النصية، فإن إرسال كلمة “UNITED” إلى الرقم 32050 يعد أيضًا حلاً سريعًا للحصول على المساعدة الأولية.
في مثل هذه الظروف، يُنصح بالتحقق باستمرار من حالة رحلتك عبر تطبيقات الهاتف المحمول لشركة الطيران أو مواقع تتبع الرحلات، حيث قد يتم تحديث المعلومات بسرعة. كذلك، فإن الأخذ بعين الاعتبار تأمين السفر الذي يغطي الخسائر الناجمة عن التأخيرات أو إلغاء الرحلات، يمكن أن يوفر لك راحة بال أكبر في المستقبل. كما يمكن أن يكون الاحتفاظ بإيصالات المصاريف غير المتوقعة مثل الطعام أو الإقامة مفيدًا إذا كنت مؤهلاً للاسترداد. ستساعدك هذه الاستعدادات على أن تكون أقل تفاجئًا عند مواجهة اضطرابات مستقبلية وأن تتمكن من إدارة الوضع بفعالية أكبر.
يُعد هذا الحدث تذكيرًا بأهمية المرونة والجاهزية لمواجهة تحديات التكنولوجيا في عالم اليوم المعقد.
المصدر: ماشابل